الخوف من العمليات مالهوش مكان في عيادة د/محمد عبدالباري
Jun, 17 2025
332 مشاهدة

تُعد أورام المخ من الحالات الطبية التي تستدعي اهتمامًا كبيرًا بسبب تأثيرها المباشر على وظائف الجهاز العصبي المركزي. تختلف أعراض هذه الأورام بشكل واسع، وقد تتشابه مع العديد من اعراض امراض المخ الأخرى، مما يجعل التشخيص المبكر والوعي بالعلامات الأساسية أمرًا بالغ الأهمية.

في هذا المقال، سنتعرف على أهم اعراض اورام المخ التي قد تشير إلى وجود ورم في المخ، بالإضافة إلى كيفية التمييز بينها لضمان التوجه السريع للطبيب والحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب.

 

ما هو ورم المخ؟

 

ورم المخ هو نمو غير طبيعي لخلايا في نسيج الدماغ، قد يكون هذا النمو بطيئًا أو سريعًا، وقد يؤثر على وظائف الدماغ الحيوية حسب موقعه وحجمه. تنقسم أورام المخ إلى نوعين رئيسيين: أورام حميدة تنمو ببطء ولا تنتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، وأورام خبيثة (سرطانية) تتميز بسرعة النمو وقد تغزو الأنسجة المحيطة أو تنتقل إلى أماكن أخرى من الجهاز العصبي

تبدأ بعض أورام المخ داخل الدماغ نفسه وتُعرف بـ"الأورام الأولية، بينما قد تنتقل أورام أخرى من أعضاء مختلفة في الجسم إلى الدماغ عبر الدم، وتُسمى "الأورام الثانوية" أو "النقيلية

تأثير الورم لا يعتمد فقط على طبيعته (حميد أو خبيث)، بل أيضًا على موقعه الدقيق داخل الدماغ، حيث يمكن أن يضغط على مراكز مسؤولة عن الحركة أو الذاكرة أو الحواس، مما يؤدي إلى ظهور مجموعة من الأعراض التي قد تكون خفية في البداية ثم تتفاقم تدريجيًا



أسباب ظهور أورام المخ

هناك عوامل متعددة قد تسهم في زيادة احتمالية الإصابة بها. ويمكن تقسيم هذه العوامل إلى داخلية (مرتبطة بجسم الإنسان نفسه) وخارجية (مرتبطة بالبيئة أو نمط الحياة

 

العوامل الوراثية والخلل الجيني

بعض الأشخاص قد يحملون طفرات جينية موروثة تزيد من احتمال نمو خلايا غير طبيعية في الدماغ. من أبرز هذه الطفرات تلك المرتبطة بمتلازمات نادرة مثل

 

متلازمة لي-فروميني

الورم العصبي الليفي

التصلب الحدبي

التعرض للإشعاع المؤين

أظهرت دراسات عديدة أن التعرض للإشعاع العالي (مثل العلاج الإشعاعي السابق للرأس أو المناطق القريبة منه) يمكن أن يرفع خطر الإصابة بأورام المخ. هذا النوع من الإشعاع قد يسبب تغييرات في الحمض النووي للخلايا الدماغية، ما يؤدي إلى تحوّلها لخلايا سرطانية بمرور الوقت

 

ضعف الجهاز المناعي

الأشخاص المصابون بضعف المناعة، سواء بسبب الأمراض المزمنة أو بسبب أدوية مثبطة للمناعة (مثل ما يُستخدم بعد زراعة الأعضاء)، معرضون أكثر لأنواع نادرة من أورام المخ مثل

 

ورم الغدد اللمفاوية الأولي في الدماغ

العوامل البيئية والمهنية

رغم أن الأبحاث لا تزال غير حاسمة، إلا أن هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى ارتباط بين بعض المواد الكيميائية (مثل المبيدات الحشرية أو المواد الصناعية السامة) وبين زيادة خطر الإصابة بأورام الدماغ، خاصةً لدى من يعملون في بيئات صناعية لفترات طويلة

 

تاريخ سابق من السرطان

في بعض الحالات، قد تنتقل خلايا سرطانية من أعضاء أخرى في الجسم إلى المخ، مكونة ما يُعرف بـ "الأورام الثانوية" أو "النقيلية". هذه لا تُصنّف كأورام دماغ أولية، لكنها تبقى من أسباب الأورام داخل المخ




اعراض أورام المخ: العلامات الأولية التي يجب الانتباه لها

في المراحل المبكرة من نمو ورم المخ، قد تكون الأعراض خفيفة أو مبهمة، مما يجعل كثيرًا من المرضى يتأخرون في التشخيص. ومع ذلك، هناك علامات أولية تستدعي الانتباه

 

صداع مستمر أو يزداد بمرور الوقت

الصداع الناتج عن أورام المخ يتميز غالبًا بـ

شدته في ساعات الصباح الباكر

زيادته مع السعال أو الانحناء

مقاومته للمسكنات المعتادة


هذا النوع من الصداع يحدث نتيجة زيادة الضغط داخل الجمجمة بسبب وجود كتلة ورمية

تغيّرات في الرؤية أو السمع

أورام المخ قد تؤثر على الأعصاب البصرية أو السمعية، مما يؤدي إلى

 

رؤية ضبابية أو مزدوجة

بقع سوداء في مجال الرؤية

فقدان السمع الجزئي أو الكامل في جهة واحدة

طنين مستمر في الأذن

نوبات تشنج مفاجئة بدون تاريخ سابق

قد تكون أول علامة على وجود نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ، وتشمل

تشنجات عضلية لا إرادية

ارتباك مؤقت

فقدان الوعي لثوانٍ

 

اضطرابات في التركيز والذاكرة

من العلامات المبكرة أيضًا

صعوبة في تذكر التفاصيل اليومية

تشتت ذهني غير معتاد

بطء في معالجة المعلومات أو اتخاذ القرارات

 

تغيرات سلوكية أو عاطفية

الورم قد يؤثر على الفصوص الأمامية للدماغ، ما ينعكس في شكل

تقلبات مزاجية حادة

سلوك عدواني أو غير اعتيادي

لا مبالاة أو انعدام في المبادرة والاهتمام

 

ضعف أو تنميل في جانب واحد من الجسم

قد يلاحظ المريض

فقدان القوة في اليد أو الساق

شعور بالخدر أو الوخز

صعوبة في التنسيق الحركي أو المشي

اضطرابات في الكلام أو الفهم

تشمل

صعوبة في النطق أو إخراج الكلمات

التلعثم المفاجئ

صعوبة في فهم الكلام الموجه إليه



تطور الأعراض حسب موقع الورم في الدماغ

يعتمد نوع الأعراض التي يشعر بها المريض بشكل كبير على مكان الورم داخل الدماغ، لأن كل منطقة في الدماغ تتحكم بوظائف مختلفة

 

الفص الجبهي

يتحكم في التفكير، السلوك، وحركة العضلات الإرادية


الأعراض المحتملة

تغير في الشخصية أو التصرفات

ضعف في أحد جانبي الجسم (الذراع أو الساق)

صعوبة في اتخاذ القرارات أو حل المشكلات

فقدان السيطرة على المشاعر أو التصرفات الاجتماعية غير المناسبة

 

الفص الجداري

مسؤول عن الإحساس والتنسيق بين العين واليد


الأعراض المحتملة

تنميل أو فقدان الإحساس في جزء من الجسم

صعوبة في تمييز الاتجاهات أو فهم الخرائط

مشاكل في تنسيق الحركات البسيطة مثل الكتابة أو اللبس

ضعف في الإدراك الحسي للمكان والمسافة

الفص الصدغي

يرتبط بالسمع، الذاكرة، وفهم اللغة

الأعراض المحتملة

نوبات صرعية جزئية أو شاملة

ضعف في الذاكرة قصيرة المدى

صعوبة في فهم الكلام أو التحدث بوضوح

هلوسات سمعية (سماع أصوات غير حقيقية)

الفص القذالي

هو مركز معالجة الرؤية


الأعراض المحتملة

رؤية مزدوجة أو ضبابية

فقدان جزء من المجال البصري

هلوسات بصرية أو تغير في إدراك الألوان والأشكال

جذع الدماغ

يتحكم في الوظائف الحيوية مثل التنفس، ضربات القلب، والتوازن

الأعراض المحتملة

صعوبة في البلع أو التحدث

اضطرابات في التنفس أو معدل ضربات القلب

فقدان التوازن أو الدوخة الشديدة

ضعف في عضلات الوجه أو العينين

المخيخ

مسؤول عن التوازن والتنسيق الحركي

الأعراض المحتملة

فقدان التوازن أثناء المشي

رعشة أو صعوبة في تحريك الأطراف بدقة

دوار مفاجئ أو شعور بالدوخة الدائمة

 

أعراض عصبية مقلقة قد تشير إلى ورم في المخ

إليك أبرز العلامات العصبية التي تستدعي الانتباه الفوري

 

ضعف مفاجئ في أحد جانبي الجسم

صعوبة في تحريك اليد أو الساق على جهة واحدة

الإحساس بثقل أو تنميل مستمر

تغير في التوازن أو طريقة المشي


اضطرابات في النطق أو الفهم

بطء في الكلام

صعوبة في تكوين الجمل

ارتباك في فهم اللغة أو الاستجابة

قد تدل هذه العلامات على إصابة مناطق الدماغ المسؤولة عن اللغة، خاصة في النصف الأيسر من الدماغ (منطقة بروكا أو فيرنيك)

 

تغير في السلوك أو الحالة النفسية

تصرفات غريبة أو غير مألوفة

نوبات غضب أو انفعال غير مبرر

لا مبالاة أو فقدان الاهتمام بالأمور اليومية

الورم في الفص الجبهي قد يؤثر بشكل مباشر على مركز الانفعالات والتحكم في السلوك

تشوش ذهني وفقدان الوعي المؤقت

نوبات ارتباك متكررة

صعوبة في التركيز أو اتخاذ القرار

 

لحظات فقدان مؤقت للوعي أو تشوش مفاجئ


علامة على تأثر الجهاز العصبي المركزي أو زيادة الضغط داخل الجمجمة

 

حركات لا إرادية أو نوبات تشنجية

رجفة في اليدين أو الوجه

تشنج عضلي لا يمكن السيطرة عليه

نوبات صرع جزئية أو كاملة


هذه الحالات تظهر عند تهيج مناطق معينة في الدماغ بسبب نمو غير طبيعي للخلايا

 

متى يجب التوجه للطبيب؟

في كثير من الحالات، قد تكون أعراض أورام المخ مشابهة لأعراض شائعة مثل الصداع أو الإرهاق أو التوتر النفسي، مما يجعل تشخيصها المبكر أمرًا صعبًا. ومع ذلك، هناك علامات معينة تستدعي مراجعة الطبيب دون تأخير، خاصة إذا كانت مستمرة أو تزداد تدريجيًا

توجه فورًا للطبيب إذا لاحظت

 

صداعًا جديدًا أو متكررًا يزداد مع الوقت ولا يتحسن بالمسكنات العادية

نوبات تشنج أو صرع تظهر لأول مرة، حتى إن كانت لمرة واحدة

ضعف أو تنميل في أحد أطراف الجسم، أو في جهة واحدة من الوجه أو الساق أو اليد

تغيرات مفاجئة في الرؤية مثل ازدواج الرؤية أو فقدان جزء من المجال البصري

صعوبة في النطق أو الفهم أو ارتباك في التواصل اليومي

مشاكل في التوازن أو المشي بدون سبب واضح

تغيرات غير مبررة في الشخصية أو السلوك مثل اللامبالاة، الانفعال الزائد، أو صعوبة التركيز

قيء مستمر بدون سبب واضح، خاصة في الصباح الباكر أو عند تغيير وضعية الرأس



طرق تشخيص أورام المخ بدقة

كلما كان التشخيص مبكرًا وأكثر تحديدًا، زادت فرص اختيار الخطة العلاجية الأنسب وتقليل المضاعفات

 

الفحص السريري العصبي

الخطوة الأولى تبدأ عند زيارة الطبيب، حيث يتم تقييم

القدرة على التوازن والمشي

قوة العضلات وردود الأفعال

الإحساس في الأطراف

وظائف الإبصار والسمع

القدرة على التركيز والكلام

هذه الاختبارات تُعطي مؤشرات على مناطق الدماغ التي قد تكون متأثرة

 

التصوير بالرنين المغناطيسي

يُعد من أدق الوسائل لتشخيص أورام المخ، ويُظهر

مكان الورم بالتحديد

حجمه وشكله وامتداده

ما إذا كان هناك ضغط على أنسجة الدماغ المجاورة

قد يُستخدم أحيانًا مع مادة تباين (صِبغة) لتوضيح التفاصيل بشكل أكبر

 

الأشعة المقطعية

تفيد في الحالات الطارئة أو عند عدم توفر الرنين المغناطيسي، وتُستخدم لتقييم

وجود نزيف داخل المخ

تورم أو علامات ارتفاع الضغط داخل الجمجمة

وجود أورام صلبة أو كلسية

تخطيط الدماغ الكهربائي

يُستخدم في الحالات المصحوبة بنوبات تشنجية، لتسجيل النشاط الكهربائي داخل الدماغ، وقد يساعد في تحديد المنطقة المصابة

الخزعة الدماغية

إذا أظهر التصوير وجود ورم، قد يُطلب إجراء خزعة، وذلك إما جراحيًا أو باستخدام إبرة دقيقة، لتحديد

نوع الورم (حميد أو خبيث)

درجة العدوانية

التغيرات الخلوية التي تساعد في توجيه العلاج

تحاليل الدم والسائل الدماغي الشوكي

في بعض الحالات، خاصة مع أورام الجهاز العصبي المركزي لدى الأطفال أو الأورام المنتشرة، يتم فحص مؤشرات ورمية أو خلايا سرطانية عبر تحليل عينة من السائل الدماغي الشوكي (البزل القطني)




هل تختلف الأعراض بين الأطفال والبالغين؟

تختلف أعراض أورام المخ بشكل ملحوظ بين الأطفال والبالغين، وذلك يعود إلى اختلاف تكوين الدماغ، مراحل النمو، والاستجابة الجسدية لكل فئة عمرية

 

أعراض أورام المخ عند الأطفال

 

تغير في سلوك الطفل أو مزاجه: يصبح الطفل أكثر انفعالًا أو انطوائية

صعوبة في المشي والتوازن: قد يلاحظ الوالدان تراجعًا في مهارات التنسيق الحركي

صداع متكرر، غالبًا في الصباح: مع غثيان أو قيء بدون سبب واضح

تأخر في النمو أو فقدان المهارات المكتسبة: كصعوبة في الكلام أو المشي بعد أن كان الطفل يجيدها سابقًا

تورم الرأس: في بعض الحالات بسبب ارتفاع الضغط داخل الجمجمة

نوبات تشنجية: تظهر أحيانًا كأول عرض

مشاكل في الرؤية: مثل ازدواجية الرؤية أو انحراف العين

 

أعراض أورام المخ عند البالغين

صداع مستمر يزداد تدريجيًا، وقد يكون مصحوبًا بغثيان أو قيء

نوبات صرع جديدة، حتى لدى الأشخاص الذين لم يعانوا من الصرع سابقًا

ضعف أو تنميل في أحد الأطراف أو الوجه، عادةً على جانب واحد

تغيرات في الإدراك والتركيز، مثل صعوبة التفكير أو اتخاذ القرار

مشاكل في التوازن والمشي، خاصة عند التقدم في المرض

تغيرات في الكلام أو الفهم، مثل بطء الكلام أو صعوبة في التعبير

تغيرات في السلوك أو المزاج، تشمل الاكتئاب أو القلق أو الارتباك

 

أسباب الاختلاف

تعود هذه الاختلافات إلى

اختلاف حجم الدماغ ونسبة الأنسجة العصبية

اختلاف مناطق نمو الخلايا وتطورها

استجابة الجهاز العصبي للإصابة تختلف حسب العمر

اختلاف أنواع أورام المخ الشائعة بين الأطفال والبالغين



في النهاية، تعتبر مراقبة اعراض اورام المخ المختلفة خطوة ضرورية لضمان الكشف المبكر عن أورام المخ ومتابعتها بشكل صحيح. لا يجب تجاهل أي علامة غير طبيعية تظهر على الجسم أو العقل، خصوصًا إذا استمرت أو تفاقمت مع الوقت.

الوعي بـ اعراض اورام المخ يساهم بشكل كبير في تسريع التشخيص والعلاج، مما يزيد فرص التعافي ويحمي جودة الحياة. لذلك، ننصح دائمًا باللجوء إلى الطبيب المختص فور ملاحظة أي تغيرات غير مبررة لضمان أفضل رعاية صحية ممكنة